المطيري اللذي انتصر بالسيف في زمن البندقيه ....

المطيري اللذي انتصر بالسيف في زمن البندقيه ....

هو الفارس تراحيب بن شري بن بصيص المطيري

لم يكن هناك توثيق لتاريخ حقيقي لولادته ، ولكن اتفق المؤرخون واتضح من رواة كبار السن بأنه ولد عام 1294هـ ، في وادي المستوي بوسط نجد ، ووالده هو الشيخ شري بن بصيص ، ووالدته هي دماثة بنت الشيخ المريخي ، التي تزوجها محمد بن جبرين قبل زواج شري منها ، وقد أنجبت الفارس متعب بن جبرين ، أما شري فقد أنجب منها تريحيب وغالب وغلاب ، وكلهم عقداء وشيوخ ، وتزوج بنت السور وأنجب منها جهجاه وصلال وغلاب والذي كان مرافقاً للملك خالد بن عبدالعزيز رحمهم الله جميعاً.

وتريحيب بن بصيص من بيت أمارة ومشيخه ، ولهذا كانت حياته كحياة باقي شيوخ القبائل الأخرى ، فقد كانت لهم موالي وإبل كثيرة ، أصبحت فيما بعد عزوة للفارس تريحيب عندما كان يعتزي بها وأصبح مشهوراً براعي البويضاء ، فلم يعش تريحيب حياة الفقر أو اليتم.

وبعدما عاش تريحيب في كنف والده وتربى عنده تعلم على يديه فنون الفراسة وأبجديات الحروب والطراد ، وقد نجح تريحيب وظهرت فروسيته بشكل مبهر وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره ، فكان حديث القبائل وحديث المجالس والناس.

وبعدما تعلم الفروسية وأتقنها زج به والده في أول المعارك الشهيرة والتي حقق فيها تريحيب النصر لقبيلته والشهرة والنصر له شخصياً عام 1309هـ ، ضد عتيبة ، وكان قائد المعركة ماجد بن سالم بن بصيص ، والقيادة الفعلية للفارس نايف بن هذال بن بصيص ، لأن ماجد كان كبير السن ، وهي المعركة التي قال فيها إبن سعيدان قصيدته المشهورة ، حيث يقول..




جينا وجيناهم مع الحزم الأسمر
سبع اسبحات وربعنا سبحتيني
مثل الدبا الكتفي ليا منه أنشـر
من شافهم يطير عنه اليقينـي
تعاقبوا مثل الرعد يوم هجـر
بالمالطي والـروم المارتينـي
بايمان فتيان العيـال المسطـر
اللي لكبات العـدا محتسينـي




ومن ضمن المناخات التي خاضها الشيخ تريحيب بن بصيص رحمه الله تعالى ما يلي : الحرملية - عرجاء - الدوادمي - انبوان ... إلخ

وتريحيب بن شري كان في بداية تدربه على الفروسية وعلى الرماية سمع حادياً يحدو حيث يقول (أعتقد أنه الهيضل) :




يا هل الموارث ما بهن نوماس
رميـت شــر دونٍ بعـيـد




فحرم وأقسم تريحيب بعدها أن لا يحمل البندقية مرة أخرى ، وبالفعل لم يحملها في معاركه وغزواته ، وإنما كان سلاحه هو السيف فقط.

وقد كان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يقول لشري بن بصيص بأن (تريحيب) أفرس فرسان زمانه ، وهذه المقولة قالها الملك فيصل بن عبدالعزيز يرويها عن أبيه وكان من ضمن الحضور غلاب بن بصيص وهزاع بن بدر الدويش وعمر بن ربيعان وضيف الله بن ربيعان ، وفعلاً فهو فارس لا يشق له غبار ، فرحمه الله تعالى رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته.

والشيخ تريحيب بن بصيص لم يتزوج إلا قبل وفاته بعام واحد فقط ولم يكتب له الله الذرية ، ولكنه خلف من بعده إرثاً عظيماً من البطولات ، وعلماً غانماً يفخرون به البصايصة ومطير كافة.

وكان عندما يصيح رحمه الله تعالى تمرج الخيل كلها ، ويقول ناصر بن رشيد من رجال ذوي سعدون من الصعران أنهم حضروا مع تريحيب لإحدى القبائل وطلبوا منه ألا يصيح حتى يقلعوا لهم خيل أو يأخذوا شيئاً ، فوافق تريحيب ، إلا أنهم بعدما شاهدهم صاح وتعزوى ، فإنكسرت الخيل كلها.

وكان من ضمن المواقف التي حصلت لتريحيب بن بصيص أثناء غزواته هو عندما تعثرت جواد إبن تنبيك شيخ المراشدة وسقط عنها ونزل عليه تريحيب ليقتله ، فطلب منه العفو والسماح وأن يتركه وشأنه ، فعفا عنه تريحيب مع أن كان متمكناً منه ومن قتله ، ولكن هذه الصفة لا تتوفر في الجميع ، فما أجملها من صفة يتحلى بها هؤلاء الشجعان ، والقصة معروفة ومشهورة.

وتريحيب بن بصيص كان شاعراً وله بعض الأبيات وبعض الحداوي والتي أغلبها لم تدون ، نذكر منها هذه الأبيات والتي وجهها للشيخ محمد بن هندي والشيخ مناحي الهيضل ، حيث يقول..




يا طارش مني لبو سلطـان
ومناحـي حمـاي البلـيـد
والله لأطارد سربة العـدوان
لـو كـان خلونـي وحيـد
صفراي مضريها على الدخان
والله يفـعـل مــا يـريـد





أيضاً نذكر أن هناك قصة عشق شهيرة للفارس تريحيب بن بصيص ، وهو بلا شك عشق عفيف وعذري ، ليس كما هو حال بعض العشق في زمننا هذا ، فقد أحب إحدى الفتيات حباً لا يوصف ، ويذكر أنه في أحد معاركه سمع من ينادي بإسم (يا فلانه) (يا فلانه) وهو إسم مطابق لإسم محبوبته ، فعندما رجع من غزوته أنشد هذه الأبيات التي يقول فيها..




لعل من سمَى سمي إبن هني
ينسم حاله والعرب ما دروبه
ياخذ ثمان سنين وإن قام وني
والتاسعة شالوا مني سمل ثوبه
يا واحداً جاني وأنا مرجهني
عساه يبلى بالمرض والعقوبه






وكانت هي أيضاً تحبه حباً جما ، فأكثرت فيه من القصائد والمرثيات ، وحين أصيب تريحيب أنشدت قائلة..




يا حسين انشد عن حنيني مريزيـق
أرجي عسى ماهو عطيـبٍ صوابـه
هو حرزهن وإن درهمن مع طواريق
وكم واحداً عنـد الركـاب التوابـه
الخيل يركبهـا السهـل والمضاييـق
والمـوت جعلـه عنـه ينلـد بابـه
على سليمي صفق الخيـل تصفيـق
وكـلٍ يهابـه فـي نهـار الحرابـه
يا حسين حبه شلـق القلـب تشليـق
وخلا صناديـق الضمايـر خرابـه
ما شاقني غيره من النـاس عشيـق
اللـي غـدا بالقلـب منـي نهابـه






وكانت لها مرثية فيه بعد وفاته رحمه الله تعالى حيث تقول فيه :




لا والله إلا طال مقطان ريفي
هاذي جواده عند غالب معفاه
عليه دمع العين يذرف ذريفي
وعليه صملان الضماير مطواه






وتوفي الشيخ تريحيب بن بصيص رحمه الله تعالى عام 1321هـ ، في شعيب العويند غرب البرة ، وهناك مرثية لأخيه الفارس متعب بن جبرين يقول فيها..




يا أهل الرمك زيدوا لهن بالبريره
نبـي نـدور فوقهنـه تريحيـب
يا ليتني والموت ما فيـه خيـره
حضرتهم والخيل غادي جناديب
حضرتهم من فوق حمرا ظهيره
والله لأعشي جايع النسر والذيب



.

وفي نهاية هذه النبذة نقول فعلاً إنه تاريخ حافل بالبطولات والمواقف التي تدل على شجاعة تريحيب والتي ترسخت طوال هذه السنين والتي إنشاء الله تعالى لن تندثر وتختفي وإنما سنتناقلها وسننقلها لأبنائنا وهم لأبنائهم لأنه فعلاً تاريخ يستحق القراءة ويستحق الفخر ، فرحم الله تريحيب بن بصيص وأسكنه فسيح جناته..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

الموضوع الأصلي: المطيري اللذي انتصر بالسيف في زمن البندقيه .... || الكاتب: ريم المطيري || المصدر: منتدى الجبلان الرسمي

www.aljblan.net

المصدر: ::منتدى الجبلان الرسمي::

تعليقاتكم البناءه هي طريقنا لتقديم خدمات افضل فلا تبخل علينا بتعليق