![]() |
|
||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
|||||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
|
عودة الإمام فيصل بن تركي من مصر (الأولى والثانية) د. ناصر بن محمد الجهيمي شارك الإمام فيصل بن تركي في الدفاع عن الدرعية في شعيب غبيرا منذ حصارها يوم الثلاثاء 3/5/1233هـ الموافق 1818/4/8م تحت قيادة والده الإمام تركي بن عبدالله(1). وبعد استسلام الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز يوم الأربعاء 1233/11/9هـ الموافق 9/9/1818م بعد مقاومة باسلة نقل إلى مصر. وقد ذكر ابن بشر أنه نقل بعد يومين من الاستسلام، ولم يكن بصحبته من قومه إلا ثلاثة أو أربعة رجال(2). لذلك فإن ما ذكره الشيخ عبدالرحمن بن حسن في كتابه المقامات(3) من أن أسرة الإمام عبدالله تبعته إلى مصر بعد سفره يؤكد عدم مرافقتها له، إذ يقول الشيخ عبدالرحمن في المقامات ما نصه: "وروّح من روّح لمصر بعد روحة عبدالله بن سعود - رحمه الله - تبعه عياله وإخوانه وكبار آل الشيخ". وقد ذكر الجبرتي أن وصول الإمام عبدالله إلى القاهرة يوم الاثنين 17/1/1234هـ الموافق 1818/11/15م(4). وكان عدد من نقل من أسرة الإمام عبدالله ومن تبعهم من الدرعية إلى مصر (351) شخصاً بموجب البيان الذي أرسله إبراهيم باشا إلى والده محمد علي في 20/3/1234هـ (1819م)(5)، ووصلوا إلى مصر في شهر رجب عام 1234هـ/مايو 1819م(6). ويشير الجبرتي إلى أنهم سكنوا في حي يعرف بخطة الحنفي(7). لكن الوثائق العثمانية تشير إلى أن الذين وصلوا إلى مصر (285) فرداً؛ مما يعني تخلف عدد منهم، وهرب بعضهم كما ورد في عدد من المصادر مثل الوثيقة العثمانية التي ذكرت هرب محمد بن تركي وفراره إلى اليمن(8). وقد كان من ضمن المنقولين إلى مصر فيصل بن تركي ومعه أسرته، وهم إخوانه وعددهم أربعة، وأخواته اثنتان، ووالدته، وثمان من جواريه، وسبعة من عبيده وخدمه، وذلك كما ورد في الدفتر البياني لأسرة الإمام عبدالله الذين وصلوا إلى مصر. وقد ورد في القائمة المرسلة من محمد علي إلى السلطان العثماني المؤرخة في 1234/7/24هـ أنه تم تسجيل الأسماء وضبطها من أجل إعطائهم المخصصات المالية المقررة لهم(9). أما عن عودة الإمام فيصل من مصر إلى نجد فلم يرد في الوثائق العثمانية والوثائق المحفوظة في دار الوثائق المصرية التي بين أيدينا، وكذلك المصادر المحلية إشارة إلى كيفية تلك العودة، وكل ما يتوافر هو نص ابن بشر في أحداث عام 1243هـ/1828م حيث يذكر ما نصه: "أقبل الإمام فيصل بن تركي من مصر هارباً، وقدم على أبيه في الرياض، واستبشر الإمام والمسلمون بقدومه..."(10). وعودة الإمام فيصل من مصر عام 1243هـ/1828م تدل على أنه بقي أكثر من تسع سنوات، ومن المعلوم أن الإمام تركي كان يراسل من كان في مصر من آل سعود وآل الشيخ يدعوهم للعودة. أسره للمرة الثانية 1254هـ/ 1838م : في شهر شعبان من عام 1254هـ الموافق شهر فبراير 1838م قدم خورشيد باشا ومعه الأمير خالد بن سعود إلى الدلم، ودارت بينه وبين الإمام فيصل معارك عدة حتى علم أن كبار من معه من أهـل الحوطة قـد راسلوا جماعتهم الذين كانوا مع خـورشيد باشـا يطلبـون الأمـان، وقـد ذكـر ابن بشـر أسمـاء رؤسائهم، منهم راشد بن حسين وفوزان بن رشود من آل شريم من أهل الحوطة، ومنهم فوزان بن محمد وإبراهيم بن عبدالله بن حسين أبو ظهير من رؤساء بني تميم؛ فتدارك الإمام فيصل الأمر، وقال لهم: "إما أنكم احربوا معنا أو اخرجوا عنا، ولا تفتوا في عضدنا". فقالوا: "صالحنا الباشا". فقال الإمام فيصل: "إذا كان الأمر كذلك؛ فاصبروا حتى نأخذ الصلح والأمان على بلدنا وجنودنا وأموالنا"، وكتب إلى خورشيد باشا يطلب الصلح له ولمن معه من الجنود ولأهل الدلم ومن تابعه من أهل العارض وغيرهم؛ فأعطاه خورشيد باشا ما طلب شريطة أن يتوجه إلى مصر لمواجهة محمد علي باشا، فتم الصلح، وتجهز الإمام فيصل للرحيل في نهاية رمضان من عام 1254هـ/ مارس 1838م، ومعه ابناه عبدالله ومحمد وأخوه جلوي وابن أخيه عبدالله بن إبراهيم بن عبدالله، فساروا إلى المدينة المنورة ومنها إلى مصر. ويقول ابن بشر ما نصه: "وأنزلوه في بيت، وجعلوا عنده حارساً يحفظونه، وصار في مكانه ذلك يحيي غالب الليل بالتهجد والصلاة، وفي نهاره بين صلاة وتلاوة قرآن، وكان يتردد إليه كثير من أهل مصر إذا كان في أحد منهم ألم وحمى أو غير ذلك يأتونه يقرأ عليهم، وكانوا يرون أثر الشفاء من قراءاته ودعائه، ومن أجل ذلك ازداد عندهم تكريماً وتعظيماً. ذكر لي أنه خرج من مصر هذه المرة، وأنهم يترددون إلى مكانه يزورونه ويستشفون به..."(11). وتكاد المصادر التاريخية تجمع على خروج الإمام فيصل من نجد إلى مصر بهذه الصفة. إلا أن الرحالة وليم بلجريف الذي زار الرياض عام 1278هـ/ 1862م؛ أي: قبل وفاة الإمام فيصل بأربع سنوات يذكر أن الإمام فيصل بعد خروجه من نجد أدى فريضة الحج متنكراً، ثم اتجه إلى دمشق، وزار المسجد الأقصى في القدس، كما زار كثيراً من مدن الساحل السوري، ثم عاد إلى نجد، واسترد الحكم. ويذكر بلجريف مرة أخرى أن الإمام فيصل كان في مصر، ومنها عاد إلى نجد، لكن ما ذكره بلجريف لا يؤيده ما ورد في المصادر التاريخية أو الوثائق العثمانية. وبقدر ما اكتسبه خروج الإمام فيصل من مصر في المرة الأولى من غموض في المصادر العثمانية والعربية، فإن المصادر ذات العلاقة بالإمام فيصل بن تركي قد أفاضت في الحديث عن خروجه من مصر للمرة الثانية وعودته لاسترداد الحكم، إلا أنها اختلفت في رواية طريقة خروجه من مصر، فبعضها ذكر أنه هرب من السجن، وبعضها أشار إلى هربه بمساعدة من الخديوي عباس باشا، وبعضها أشار إلى أنه خرج بأمر من محمد علي باشا. الروايات التاريخية في عودته الثانية من مصر: 1 - يذكر ابن بشر في أحداث عام 1259هـ/1843م ومن نقل عنه مثل ضاري الرشيد "نبذة تاريخية عن نجد" وفلبي "العربية السعودية" وصلاح المختار "تاريخ المملكة العربية السعودية" أن الإمام فيصل بن تركي هرب ومعه ابنه عبدالله(12)، وأخوه جلوي بن تركي، وابن عمه عبدالله بن إبراهيم بوساطة الحبال من أعلى سور السجن البالغ ارتفاعه حوالي (70) ذراعاً، ثم ركبوا مطايا كانت تنتظرهم، وارتحلوا إلى بلاد شمر، يقول ابن بشر: "ولما أراد الذي بيده الحركات والسكون، القادر الذي يقول للشيء كن فيكون، إخراج الإمام فيصل من حبس الياس...، نزل من حبسه بحبال، لما أكثر التذلل والتضرع عند ربه والابتهال...، وكانت العساكر رصداً عليهم في مدخلهم ومخرجهم، والفرجة التي نزلوا معها عن الأرض أكثر من سبعين ذراعاً... وإذا هم قد واعدوا ركائب تحتهم؛ فركبوها وذلك في الليل فساروا إلى جبل شمر"(13). 2 - يذكر سعود بن هذلول روايتين لخروج الإمام فيصل: إحداها أنه هرب من السجن، والأخرى أنه خرج بمساعدة الخديوي عباس باشا الأول، ولم يرجح إحدى هاتين الروايتين، إلا أنه ينفرد بذكر من صحبه إلى حائل بأنهم من عتيبة منهم محمد بن مروي وخزام الهرار(14). ويعود سعود بن هذلول ليعارض رواية ابن بشر أن الإمام فيصل هرب من مصر، ويستبعدها بالنظر إلى صعوبة اجتياز الصحاري دون مساعدة، ومعه ثلاثون مرافقاً من آل سعود وغيرهم، وقد ذكر ابن هذلول أسماء عدد منهم؛ لذلك يرى سعود بن هذلول أن الحكومة المصرية قررت إعادة الإمام فيصل إلى إمارة نجد، وأخذ التعهد عليه بعدم التعرض للحجاز، وأن محمد بن مروي وخزام الهرار كانا يعملان لدى الحكومة المصرية في تدريب الخيل، فكلفتهما بمرافقة الإمام فيصل(15). ولا شك أن هذه الرواية تحتاج إلى مناقشة وتثبت قبل قبولها أو نفيها، لا سيما أنه اعتمد على كتاب "الدولة السعودية الثانية" لعبدالفتاح أبو علية الذي نقل عن محمود شاكر، وهي مراجع حديثة، وليست مصادر أصلية. 3 - رواية حافظ وهبة، وهي تتشابه تماماً مع رواية سعود بن هذلول، ولكنها توضح الأمر أكثر، فقد أعطتنا تعليلاً للسبب الذي أخرج عباس باشا من أجله الإمام فيصل من السجن، ويعود إلى أن عباس باشا كان معجباً به وبعقله(16). 4 - يرى أمين الريحاني أن خروج الإمام فيصل من السجن كان بإيعاز من محمد علي باشا؛ ليعيده حاكماً على نجد(17). 5 - يرى عبدالله البسام في مخطوطة "تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق" ما نصه: "في هذه السنة (1259هـ) قدم فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود إلى بلد الجبل عند عبدالله بن علي بن رشيد هارباً من مصر، وذلك بمساعدة عباس بن طوسون باشا بن محمد علي، وكان الأمر في ذلك الوقت لمحمد علي باشا ولابنه إبراهيم، وليس لعباس شيء من الأمر، إلا أنه كان محبباً عند جده محمد علي ومسموع الكلمة عند رجال دولته، وكان يجتمع كثيراً بفيصل بن تركي وهو محبوس، فقال له فيصل يوما: إن نجد صارت بيد عبدالله بن ثنيان، فلو أتخلص من الحبس، وأصل إلى نجد أنتزع الملك منه إن شاء الله تعالى، وأصير تابعا لأفندينا تحت أمره؛ فوعده عباس بأنه يدبر هذا الأمر له وأمره بكتمانه، ثم بعد أيام أحضر له ركائب وخيلا خفية، ووضعها بموضع بعيد عن مصر، واحتال في إخراجه من القلعة المحبوس فيها بمواطأة مع البواب سرا؛ فخرج ليلاً، ووصل فيه إلى المحل الذي فيه الركاب والخيل هو وبعض أتباعه وركبوها، وتوجهوا إلى نجد، وبعد يومين بلغ الخبر إبراهيم باشا، فأركب كثيراً من العسكر رجاء أن يدركوه، وكان ممن ركب معهم عباس باشا، فساروا يومين، فلم يدركوه، فرجعوا، ولم يزل فيصل سائراً حتى وصل إلى جبل شمر كما تقدم ومعه أبناؤه عبدالله ومحمد(18) وأخوه جلوي. 6 - يرى أحمد زيني دحلان في كتابه "خلاصة الكلام" أن الإمام فيصل هرب من مصر بمساعدة عباس باشا ويورد النص الآتي: "صار أمر نجد لعبدالله بن ثنيان فلما بلغ الخبر فيصل ابن تركي الذي أرسله خورشيد باشا إلى مصر محبوسًا، صار فيصل يدبر الأمر في هربه من مصر ليصل إلى نجد وينتزع الملك من عبدالله بن ثنيان؛ فسهل الله له ذلك بإعانة عباس باشا بن طوسون باشا بن محمد علي باشا وكان الأمر في ذلك الوقت لمحمد علي باشا ولابنه إبراهيم وليس لعباس باشا شيء من الأمر إلا أنه كان محببًا عند جده محمد علي باشا ومسموع الكلمة عند رجال دولته، وكان يجتمع كثيرًا بفيصل بن تركي وهو محبوس فقال له فيصل يومًا: إن نجد صارت بيد عبدالله بن ثنيان فلو أتخلص من الحبس وأصل إلى نجد أنتزع الملك منه إن شاء الله تعالى وأصير خادمًا لأفندينا وتحت أمره، فوعده عباس باشا بأنه يدبر هذا الأمر له وأمره بكتمانه، ثم بعد أيام أحضر له ركائب وخيلاً خفية ووضعها بموضع بعيد عن مصر واحتال في إخراجه من القلعة المحبوس فيها بمواطأة مع البواب سرا؛ فخرج في ليلة ووصل إلى المواضع التي فيها الركائب والخيل هو وبعض أتباعه وركبوها وتوجهوا إلى نجد، وبعد يومين بلغ هروبه إبراهيم باشا فأركب كثيرًا من العسكر يسيرون خلفه ليدركوه وكان ممن ركب معهم عباس باشا فساروا يومين فلم يدركوه فرجعوا"(19). 7 - وفي "أصول الخيل" ترد رواية مشابهة تشير إلى دور غامض لعباس باشا في مساعدة الإمام فيصل على الهرب من سجنه بمصر إلا أن هذه الرواية تؤكد نزول الإمام فيصل من سجنه الذي يرتفع في حدود سبعين متراً وأن إبراهيم باشا حينما علم أرسل فرقة للبحث عنه لكنها لم تصل إلى نتيجة وأن سبب ذلك وجود عباس باشا ضمن أفراد الفرقة المكلفة بالبحث عنه(20). 8 - كما أشار عبدالله بن خميس إلى خروج الإمام فيصل بن تركي من مصر إلا أنه لم يذكر تفاصيل الخروج سوى ما أشار إليه من أنها مدبرة، كما أكد على أن محمد بن مروي وخزام الهرار كانوا بصحبته(21). 9 - وينفرد الأمير محمد علي ولي عهد المملكة المصرية(22)، برواية فيها معلومات مهمة حول كيفية خروج الإمام فيصل بن تركي من القاهرة، فيقول: "بعد انتهاء حرب الوهابيين سيق إلى مصر كأسرى عائلة ابن السعود حيث سجنوا في القلعة حتى تصدر أوامر بخصوصهم من إسلامبول. وكان عباس باشا حينئذ كتخدا مصر(23) ويشعر نحو العرب بعطف ومحبة وله صداقة بهم فأمر علي باشا اللآله(24) - إذ كان هذا الأخير يخلص لعباس باشا - أن يعمل اللازم لتهريب تلك العائلة العربية من القلعة. حكى لنا علي باشا ما فعله فكان يدخل الأكل إليهم بواسطة الطبكجي فخلع ملابسه ولف حول جسده حبلا طويلا ثم لبس ملابسه حتى أخفى الحبل وناوله مبردين لكي يبرد بهما عيدان النوافذ الحديدية وأخفى المبردين في حزام الرجل وفي عمامته وضع به خطابا به تفصيلات كيفية الهروب ليعمل الأسرى بموجبها، وأخبرهم أيضا أنه وضع تحت تصرفهم عشرة هجن تنتظرهم تحت سور القلعة، وتم بحمد الله كل ما رسم لهذه العملية وهربوا فعلا بواسطة هذا الترتيب. وفي اليوم التالي وجد الخفراء والنوبتجيين أثناء تفتيشهم اليومي الغرف خالية ممن كان فيها والنوافذ مكسورة، فأدركوا أنهم هربوا من النوافذ، وخافوا أن يخبروا محمد علي بالأمر، وقضوا يومين يتباحثون مع بعضهم في كيفية إبلاغ الخبر أو التمكن من القبض عليهم. فلما أيقنوا أن القبض عليهم من المحال اضطروا أن يذهبوا في اليوم الثالث إلى محمد علي باشا بسراية بشبرا(25). وأخبروه بما حدث فسكت محمد علي باشا وفكر قليلا ثم قال لهم: أتركوا الموضوع؛ لأن هذا هو عمل عباس، وهو لم يقدم عليه إلا بعد أن عرف أن فيه خيراً، وفعلا صار بعد ذلك فيصل ابن السعود أكبر صديق لعباس باشا الأول، وكان رجال عباس باشا آمنين في جميع أقطار العرب، ولا يمسوا بأي سوء ولا يقاومهم أو يضادهم في أعمالهم أحد، وظل البطلان عباس باشا وفيصل إلى نهاية حياتهما أخوين متصادقين"(26). 10 - أما الوثائق العثمانية فحسب التسلسل التاريخي تشير إلى أن الإمام فيصل خاطب والي جدة العثماني يطلب منه أن تقوم الدولة العثمانية بفك أسره، وأن يعود إلى نجد والياً وتابعاً للدولة العثمانية، ثم نجد أن خطاباته لم تجد لها صدى وإجابة لدى الدولة العثمانية، كما تشير الوثائق في مرحلة أخرى إلى هرب الإمام فيصل مع أنه كاتب الدولة العثمانية بعد استرداده الحكم بالاعتراف بالخلافة العثمانية. ويمكن استعراض الوثائق العثمانية ذات العلاقة بعودة الإمام فيصل من مصر حسب التسلسل التاريخي بدءاً برسالة الإمام فيصل بن تركي إلى والي جدة عثمان باشا يطلب فيها التوسط له لدى الباب العالي بالعفو عنه، والسماح له بالعودة إلى نجد، وترد الرسالة بالنص الآتي: "فخر الأمراء الكرام، قطب الوزراء العظام، حامي حمى الحرم الشريف الحائز من المجد التالد والطريف، وبعد تقبيل الأيادي الكرام، والدعاء على الدوام، فقد سبق هذا من أن الداعي إلى السدّة السنيّة آلوكة(27)، عسى أن يكون المولى سبحانه وتعالى قد منّ بوصولها وهي معربة عن استعطاف أفندينا في الشفاعة لدى الدولة العلية أن يفسحوا للداعي وأقاربه وأولاده في النقلة إلى أحد الحرمين الشريفين أو إلى بلاده، وإن هم شرّفوا الداعي، وأنعموا عليه بخدمته لفخرهم في الجهات النجديّة، فهم أهل المراحم السنية والأيادي العلية بما هو أجل من هذه القضية، ومهما يصدر من مراسم الفخر الملوكي من الأوامر العلية، يتعب الداعي فيه فكره وفهمه، وينضي خيله ورجله وجسمه حتى يتم على أحسن حال، وينتظم على أسلوب يليق بمقام الفخر الملوكي والأمر العالي، وحسبما عينوا وقدّروا من الدراهم والرهائن يكون رهين الإعلام والإشارة، ولا يألو الداعي في الخدمة جهداً، ولا ينقض عهداً، ولا يخلف وعداً بحول الله سبحانه، ثم بهمّة الدولة العلية، وإسعادهم يجول الداعي ويصول حتى ترجع فروع الجهات النجدية وأطرافها إلى الأصول، وإذا امتحنت المراحـم السنيـة خادمهــا الداعي المسجون، فبعد الامتحان يُكرم المرء أو يهان، {$ّقٍلٌ \عًمّلٍوا فّسّيّرّى پلَّهٍ عّمّلّكٍمً $ّرّسٍولٍهٍ $ّالًمٍؤًمٌنٍونّ} [التوبة: 105] هذا والمسؤول الله - سبحانه وتعالى - أن يطيل بقاء خليفة الله في الأرض حتى يُؤدّي في ظل عدله النفل والفرض، وأن يديم سبحانه شرف أفندينا في هذه الوزارة العظمى متوسلين في ذلك بخير خلق الله في الأرض والسماء، والأمر لمن له الأمر...."(28). وحينما أُرسلت هذه الرسالة إلى عثمان باشا والي جدة في ذلك الوقت، قام على الفور بإرسال رسالة إلى السلطان العثماني، فيها تقرير عن هذا الموضوع، يقول فيها: إنه حتى هذا التاريخ لم ترد أي أخبار لا عن خالد بك ولا عن الأمير عبدالله بن ثنيان، ولكن وردت اليوم رسالة استرجاع إلينا منــذ ثلاثــة أشهر ماضية من طرف الشيخ فيصل بن تركي المقيم محبوساً في مصر الآن، يطلب فيها ملتمساً مساعــدة البــاب العــالي، وموافقتــه في تخليصــه من هذا الحبس في مصر، ومساعدته في الإقامة في بلده أو في بلاد الحرمين، وسوف يكون تحت طاعة الدولة العثمانية في كل وقت. ثم يشير الوالي المذكور برأيه في هذا الموضوع من خلال الرسالة نفسها، إلى أن الشيخ فيصل بن تركي، مرعي الخاطر بين مشايخ العربان في منطقة نجد، ولو أنه أُرسلت هدايا إلى طرف نجد والرياض مع الشيخ فيصل، فإنه سوف يتعهد بأداء المصلحة والتبعية والحماية، وسوف يحضر أولاده وإخوته وأولادهم، ولو أنه تم تخليصه من الحبس، فهل ستُحال إلى عهدته حُكْم نجد أم لا؟ أم سيتم التفضل بالإمارة هناك على خالد بك فالأمر للسلطان(29). والظاهر من الوثائق والرسائل المتبادلة أن والي جدة كان يميل إلى تخليص الإمام فيصل من حبسه في مصر؛ لأنه في هذه الحالة لن يكون هناك حاجة لتدبير أموال وإرسالها إلى الجنود الموجودين في نجد، حيث سيقوم الإمام فيصل حسب رأيه عند توليه الإمارة بعمل ذلك وتوفير مبالغ على الخزينة الحكومية(30). وفي الوقت الذي تم فيه ذلك قام الأمير عبدالله بن ثنيان آل سعود بإرسال عريضة تحمل توقيعات عدة لعدد من آل سعود وأعيان المناطق وشيوخ القبائل(31)، يبلغ فيها والي جدة عثمان باشا بالأحداث المؤسفة التي قام بها الأمير خالد بن سعود في منطقة نجد ومعاملته السيئة للأهالي هناك(32)، وفي هذا دليل على أن الدولة العثمانية كانت تفكر في البديل لهذه الإمارة، وربما تكون فكرت في الإمام فيصل حينما كان مسجوناً في مصر. ولكن لم تكن رغبة محمد علي باشا تميل إلى ذلك الرأي. وخلال أشهر عدة وردت رسالة من شريف مكة يقول فيها: إن فيصل بن تركي استطاع الفرار من محبسه في مصر، ووصل إلى نجد، واستطاع بمعاونة بعض أقاربه التعدي والاستيلاء على المنطقة، وهو ما أورده محمد علي باشا والي مصر في تقريره المرسل أيضاً(33). وبين هذه المراسلات لم تتضح المعلومات الخاصة بكيفية الهرب، والجهة التي ساعدته على ذلك، وخصوصاً أن الدولة العثمانية لم تردّ على خطابات الإمام فيصل أثناء حبسه، وبرأيها في موافقتها على تخليصه أم لا؟! لذلك يتضح عدم رضا السلطان العثماني على إطلاق سراحه أو عودته لتولي الحكم لا سيما أن محمد علي باشا لم تكن لديه رغبة في الإفراج عن الإمام فيصل كما اتضح من خلال المراسلات السابقة(34). ومن خلال تتبع الأحداث السياسية في تلك الفترة يتضح أن التحالف الأوروبي العثماني ضد محمد علي، وتوقيع معاهدة لندن في 15/5/1256هـ الموافق 15/7/1840م، والتي أجبرت محمد علي باشا على سحب قواته من الشام كان لها دور في إطلاق محمد علي باشا سراح الإمام فيصل، أو الإيعاز لعباس باشا بمساعدته في إطلاق سراحه، لكن من خلال الوثائق لم نجد ما يشير إلى ذلك، ويمكن أن يكون لهذه المعاهدة وهزيمة محمد علي باشا في الشام وقرار السلطان العثماني بعزله، ثم إعادته دور في التساهل في مسألة حراسة الإمام فيصل وسهولة اتصالاته التي تمكن من خلالها من الترتيب مع بعض أتباعه؛ لتسهيل هربه من مصر، والوصول إلى جبل شمر واستعادته الحكم(35). وبعد عودة الإمام فيصل، واسترداده الحكم قام بإرسال رسالة إلى والي جدة عثمان باشا مع أحمد السديري(36) يشير فيها إلى أن الله - سبحانه وتعالى- أظهر الحق على الباطل ويلتمس أن يبلغ السلطان العثماني عدم تصديق كل ما قيل عنه في الماضي، ويبلغ حسن إدارته في نجد مع الأهالي، وطاعتهم له والرفق بهم، وأنه يلتمس رضا المولى عز وجل، ولم يشر الإمام فيصل في هذه الرسالة إلى شكر السلطان العثماني أو محمد علي باشا أو والي جدة على مساعدته؛ مما يدل دلالة واضحة على خروجه دون إذن السلطان العثماني أو مساعدة والي جدة(37). ومما لا شك فيه أن والي جدة كان لـه جهد في محاولة لفت نظر السلطان العثماني للإمام فيصل، وهو ما توضحه تلك الرسالة التي قام الإمام فيصل بن تركي بإرسالها إلى عثمان باشا رداً على رسالة الأخير لـه. يقول فيها: إن رسالته وصلت إليه، وهو مقتنع تماماً بما جاء فيها، وسوف يمتثل لطاعة الدولة العثمانية، ويرجوه أن يتوسط لدى الدولة العثمانية في تقريره المرسل عن صلاح الأحوال في إمارة نجد(38). أما عن علاقته بعباس باشا فمما لا شك فيه أنه نشأت بينهما صداقة، وعلاقة ودّ؛ بدليل الهدايا التي أرسلها الإمام فيصل بعد عودته إلى عباس باشا، وهي عبارة عن مجموعة من الخيول العربية الأصيلة، ومع ذلك يبقى دور عباس باشا غامضاً، ولا يمكن القطع والجزم بمساعدته أو نفيها للإمام فيصل في خروجه من مصر. والخلاصة في هذا الأمر أن الدولة العثمانية لم يكن لديها علم بعملية الهرب، ولم تكن قد ساعدت فيه، أو أنها فكرت في تعيين الإمام فيصل والتفاضل فيها بينه وبين آخرين. وكان لديها قناعة بعدم موافقة محمد علي باشا بهذا الأمر؛ مما يدل على أن تنفيذ الهرب كان بعيداً تماماً عن والي مصر وعن الدولة العثمانية، وكذلك لم يكن لوالي جدة عثمان باشا دور في عملية مساعدته على الهرب، وفي التوسط لدى الباب العالي لاستقرار فيصل في نجد وتوليه الإمارة. ومع ذلك يظل هذا الموضوع بحاجة إلى مزيد من الدراسة المتأنية، والاطلاع على الوثائق العثمانية والمصرية التي لم يتم الاطلاع عليها أو لم تتم ترجمتها، وفيها ما قد يوضح حقائق تاريخية مهمة ذات علاقة بالموضوع. http://aldarahmagazine.com/showcontents.php?BRc=1554 الموضوع الأصلي: عودة الإمام فيصل بن تركي من مصر (الأولى والثانية) || الكاتب: سطام العوض || المصدر: منتدى الجبلان الرسمي
المصدر: ::منتدى الجبلان الرسمي::
التوقيع : لن ننسى !
ولا تشك إلى مخلوق فتشمته = شكوى الجريح إلى الغربان والرخمِ
|
|
|
#4 |
|
₪ :: إدارة الموقع :: ₪
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
سطام العوض
نقل مشرف في كل اطلالة لك اخي العزيز ... ومن تميز الى تميز اجمل ... ايراد تاريخي مهم وذا فائدة كبيرة ننتظر جديدك وتالقك الدائم ... والمتوصل في سما الجبلان ,,, تقديري وتحياتي اخوكـــــــــــــــــ سلطان الجبلي |
|
|
|
#6 |
|
::عضو مبدع::
![]() ![]() ![]() ![]() |
سطام العوض
اشكرك على طرحك الرائع والمفيد الدوله السعوديه الاولى اسقطت على يد منديل ابن اغنيمان الملعبي عندما قتل سبعه من الدوشان ابن سعود واخذوا بثأرهم بأسقاط الدوله السعوديه الاولى تقبل تحياتي الملعبي |
|
|
|
#8 | |||||||||||||||||||||||
|
::مستشار إداري::
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
هلا أخوي الصدقي أهل نجد أيدوا أسرة آل سعود المباركة لعدلها وتطبيقها الشريعة في مختلف مراحل دولتهم . شرفني مرورك وتعليقك |
|||||||||||||||||||||||
التوقيع : لن ننسى !
ولا تشك إلى مخلوق فتشمته = شكوى الجريح إلى الغربان والرخمِ
|
|
|
#9 | |||||||||||||||||||||||
|
::مستشار إداري::
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
حياك الله يالجارح نورت الموضوع بطلتك الكريمة |
|||||||||||||||||||||||
التوقيع : لن ننسى !
ولا تشك إلى مخلوق فتشمته = شكوى الجريح إلى الغربان والرخمِ
|
|
|
#10 |
|
::مستشار إداري::
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() |
سلطان دائماً تعليقك متميز وفقك الله ونورت الموضوع |
التوقيع : لن ننسى !
ولا تشك إلى مخلوق فتشمته = شكوى الجريح إلى الغربان والرخمِ
|
![]() |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه
|
||||
| الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
| مرثية تركي الميزاني في فيصل الرياحي .. فيديو | جزاع الجبلي | الشعر العام | 5 | 05-02-2009 02:26 PM |
| بعير عندة نخوة | مهاجر | الصور والخلفيآت | 12 | 02-12-2008 02:15 AM |
| أقسام المنتدى |
|
الأقســـام الأدبيــه | الشعر العام | القصص والروايات | الأقسام ألإسرية والصحية | الأسرة و الصحة | فتآفـيت | الأقســـام السياحية | الصور والخلفيآت | الرياضة العربية والعالمية | الأقســـام التقنيـه | الكمبيوتر والبرامج | دروس الفوتوشوب | الأقســـام الأداريــه | الأقسام التاريخية والخاصة في قبيلة مطير | مجلس تاريخ الجبلان | مجلس بلاد ومواطن الجبلان | مجلس أخبار الجبلان | مجلس تاريخ مطير | تطوير المواقع والمنتديات | خاص بالشكاوى الخاصة الموجهة للادارة | مجلس الرحلات البريه والأبل والصقور | مجلس شعراء وقصائد الجبلان | همس القوافي | المواهب الشعريه | مجلس التاريخ العام | الأثاث والديكور | المحاوره الشعريه | مشاكل تسجيل الأعضاء | الخواطر والنثر | الملاحظات والأقتراحات الموجهة للجنة الجبلان | مسابقة شاعر منتدى الجبلان | خاص بالمراقبين | خاص بالاقتراحات والشكاوى ومشاكل تسجيل الاعضاء | يوتيوب الجبلان | السفر والسياحة والعطلات | مجلس انتخابات الكويت | مسابقة مغترة الجبلان للمحاوره | مكتبة الأستايلات | مكتبة السكربتات | مجلس التغطيات الاعلامية واخبار قبيلة مطير | مجلس أنساب الجبلان | مجلس شعراء مطير | مجلس المحاورات الشعرية المنقولة | مجلس أخبار المحاورات و الآمسيات الشعرية | مجلس ديوان الجبلان الشعري | ملحقات الفوتوشوب | مسابقة الشيخ صاهود بن لامي ( رحمه الله ) الشعريه | قسم التسجيل | هواة التصوير Photo | فــريق التطــوير | مجلس تغطية احتفالات ومناسبات الجبلان | مجلس التعازي والمواساة | رحلات أعضاء منتدى الجبلان السياحية | مجلس اللقاءات والاستضافات الاعلامية | مجلس مزاين وهجيج الابل | خاص بفريق الادارة | مونتاج الفيديو و الصوتيات | الأقســـام الشبابية والرياضية | دوري كأس دواوين الجبلان لكرة القدم | الأقسام الانتخابية والسياسية | مجلس انتخابات السعودية | الاقسام الخاصة في الجبلان | لـجنة الـجبلان | التواصل الألكتروني المباشر مع لجنة الجبلان | |
![]() |
![]() |
![]() |